أخي الكريم : إذا كانت لديك خواطر أو كتابات شخصية و تريد نشرها اضغط هنا

الاثنين، 19 ديسمبر 2011

أم تودع ابنها ، ولا تعلم متى ستراه





.... وقفت بمكاني حائراً ، متسمراً وأنا أتجول بنظري بين أفراد أسرتي : والدي الحبيب ، أمي الغالية ، أخي ، أختي . امتلأت العيون بالدموع دون أن يحاول أحدهم كفكفتها في محاولة يائسة لدرء أي مظهر من مظاهر الحزن . أبي يقف بشموخه الرجولي وهو يصارع دموعاً يجب ألا يراها الأبناء وهو عمد الأسرة و عقلها المدبر . 
كانت أمي تحاول الإبتسام وسط هيجان انفعالي دفين ودموعها تتساقط في تناقض صارخ مع ثغرها الذي يجاهد للمحافظة على تلك الإبتسامة الغالية . أختي فقدت كل سيطرة على الدموع المتجهمة في حزن عصي عن الوصف . أما أخي فقد جاهد للمحافظة على هدوء ظاهري وهو يرمقني بنظرة أخبرتني كم يحب هذا الأخ أخاه !
... احتضنتهم ، وتلاحم جسدي بجسد كل واحد منهم على حدة ، وكل فرد منهم يأبى مفارقة أحضاني .
كانت والدتي - طبعاً - هي آخر من عانقت وأطول من بقيت بحضهنا على الإطلاق . كانت تضم في جسدي كل لحظة كبرت فيها أمام عينيها ، كانت تضم في جسدي كل ألم ألم بها لأجلي وكل اختلاجة أمل بمستقبل مشرق تمنته لي . كانت تضم في جسدي كل ليلة سهرتها لأنام صحيحاً من كل علة . كانت تضم في جسدي كل صراخ فجرته في وجهها ... كل غضب أو كرب أصابها مني . كانت تضم في جسدي عشرين سنة و نصف من أمومتها لي ، ولكن ، كان على الأجساد أن تفترق والأصوات أن تنخرس والدموع أن تنهمر ، والحياة أن تستمر .
... وقفت بالباب ، و جلت بعيني في وجوههم الواحد تلو الآخر ، وقد كان آخر مشهد انطبع بذاكرتي هو مشهد والدتي وهي تقف متصلبة تنظر إلي في هدوء وحزن شديدين وكأنها صنم لا حراك بها إلا من دمعتين تجمعتا في عينيها لم يسبق لي أن رأيت مثلهما في حياتي . أم تودع ابنها ولا تعلم متى ستراه .
ابراهيم السبكي 19 - 20 نونبر  2011












Share

التعليقات : 2

سيدي :
حاولت مجارات ابداعك
فعجز كل العجز قلمي عن ذالك
فانت هرم من اهرام المبدعين
تتحفنا وتبهرنا بجمالية طرحك المميز
لك مني كل الاحترام والتقدير
دمت برعاية الخالق المنان
اخوك سعيد

الغالي أستاذ نزار :
ماأجمل هذه الكلمات كلمات مررت بها
فوجدت اروع المعاني بينها
كلمات سحرتني معانيها
قرأتها كثيرا واستمتعت بقرائتها
لما وجدته بينها
من صدق في المشاعر
وروعة في المعاني
كل الشكر لك
تقبل مروري مع المودة

إرسال تعليق

أعجبتك المدونة ؟ اضغط " مشاركة "

مدينة الخواطر تزرع الرومانسية في صدر العاشق وتخلق الروح الرومانسية في تصرفاته وسكناته فإن كنت تعشق فهذه الخواطر رسول حبك وسوف تعبر عن مشاعرك .. ! فكل خاطرة لها ذوقها وايقاعها وعاطفتها .. فبعض الخواطر تداوي الجروح والبعض الآخر يغرس الشوق والآخر ينمي الحب فاحرص أن تقرأها بتمعن ... ولا تنسى ... فهذا هو ذ. نزار

المشاركات الشائعة

أصدقاء المدونة على الفيسبوك

كن واحدا من أسرتنا

جميع الحقوق محفوظة © 2011 مدينة الخواطر