هي الدموع تهشمنا سراباً في المدى دون رأفة بنا ، وتواصل تحطيم ما تركه الزمن فينا من بقايانا ...
أحياناً تهزمنا ، ونفشل في مواجهتها وإخفائها فيسألنا الناس : لم البكاء ؟ نحاول أن نجيبهم أنحن نبكي فرحاً و طرباً بالمجد أم ننزف حرقة وإحساسا بالضياع ، لكن لا نقوى ... لا نقوى على الإجابة ، فيزداد الدمع تدفقاً من الأعين حتى تتورم و تنتفخ .
أحياناً أخرى ننجح في تغيير مسارها إلى الداخل فننزف إلى هناك بلا توقف إعلاناً بالإنكسار والهزيمة والقهر ، وفي الخارج تماسكاً وصلابة زائفة ، نصنع لأنفسنا بطولات من ورق فنصير أبطالاً في وجه ضعفنا الإنساني الذي يلف الخاصرة .
هنا ...
لا أعرف لماذا أرى قيداً ... وعاصفة .
وهناك ...
عصفوراً سجيناً ! مازلت أسأل نفسي مالذي يجعل هذه العصافير تفر من أوكارها ليلاً ! تظل تطير وتطير إلى أن يحضنها الشوك بين ثناياه ، مازلت أبحث - بلا توقف - عن أصواتها ... لم يبق من صوتها وتغريدها غير أصداء تبعثرها الريح مع بضع ريشات فتنزوي أسفاً على الحياة ... والزمن .
لا أجد هنا غير جراح عصافير تئن في كلماتي ، ودموعاً نعانقها ما إن تفيض بها الأعين في الظلام .
الليل هنا طويل جداً ... ممل جداً ... والحزن ... قاتل جداً . نظل نصارع هذا الليل السرمدي البهيم ، ولكن ... دون جدوى ! ليصارعنا هو الآخر فنتبادل الأدوار ويستمر الصراع ... تارة يخدعنا ، وتارة نحدعه ، تارة نغيب عن الوعي ، وتارة نغفو وننظر عبر نوافذ الغرف ولكن ... لا نجد ضوءاً . حتى القمر حزم أمتعته وشد الرحال إلى بلاد بعيدة . لا نرى غير بقايا شارع وبضع أعمدة كهرباء تقف حزينة يتلبدها الظلام ، وأخرى متمايلة قد هجرها النور منذ زمن طويل .
مقتبسة من " خواطر رجل مسلوب " للكاتب : ابراهيم السبكي
التعليقات: تعليق واحد
عندما أقول لك بأني أحبك فأنا لا أعدك بأن نجعل الفصول الأربعه جميعها ربيع فقد يزورنا خريف من الألم و شتاء من الحرقه ولكن كن متأكدا بأن الربيع سيعود يوما
إرسال تعليق